الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: غاية تلخيص المراد من فتاوى ابن زياد
.اللقيط وحكم الإماء: (مسألة): الجواري المجلوبة الآن قد حرر السبكي أحكامها وحاصله: إما أن يجهل حالها فالرجوع في ظاهر الشرع إلى السيد في الصغيرة وإلى إقرارها، واليد في الكبيرة، واليد حجة شرعية، وكذا الإقرار والورع الترك، وأما أن يعلم حالها وله مراتب: أحدها أن يتحقق إسلامها في بلادها، ولم يجر عليها رق قبل ذلك، فلا تحل هذه بوجه من الوجوه إلا بزواج شرعي. ثانيها: كافرة ممن لهم ذمة وعهد فكذلك. ثالثها: كافرة من أهل الحرب مملوكة للكافر حربياً أو غيره باعها فهي حلال لمشتريها. رابعها: كافرة من أهل الحرب قهرها وقهر سيدها كافر آخر فإنه يملكها ويبيعها لمن شاء وتحل لمشتريها، وهذان النوعان الحل فيهما قطعي وليس محل الورع كما أن الأوّلين الحرمة فيهما قطعية. خامسها كافرة من أهل الحرب لم يجر عليها رق وأخذها مسلم قهراً فلا يخلو إما أن يأخذها جيش بإيجاف فهي غنيمة فهذا لا خلاف فيه، وغلط الفزاري فقال: إن حكم الفيء والغنيمة راجع إلى رأي الإمام يفعل ما يراه المصلحة، ورد عليه النووي في ذلك: وإما أن يغزو واحد فأكثر بإذن الإمام أو دونه، فماله من الغنيمة يختص بأربعة أخماسه والخمس لأهله أيضاً، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، ويكره الغزو بغير إذنه، وإما أن يصير الواحد أو الجماعة لا على صورة الغزو بل متلصصين، فالصحيح أنه يخمس ما أخذوه كالغنيمة، وقال الإمام المشهور عدم التخميس، وفي موضع آخر: ادعى إجماع الأصحاب على أنه مختص به، وجعل أموال الكفار على ثلاثة أقسام: غنيمة وفيء وغيرهما كالسرقة، فيملكه من أخذه قياساً على المباحات، ووافقه الغزالي على ذلك وهو مذهب أبي حنيفة، وقال البغوي تبعاً للأكثرين: ما أخذه من حربي على جهة السوم فجحده أو هرب عنه اختص به وفيه نظر، وقال بعض المالكية: ما أخذه العبد لا يخمس مطلقاً لأن المخاطب بقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} الأحرار وقياسه أن ما أخذه النساء والصبيان كذلك، وإما أن ينجلي الكفار عنها من غير إيجاف أو يموت عنها من لا وارث له من أهل الذمة وما أشبه ذلك، فهذه فيء يصرف الخمس لأهله، والباقي فيه قولان: أصحهما للمقاتلة، والثاني للمصالح، فكل جارية علم أنها من الفيء، أو حصل من المتولي على أهله أو الوكيل عنهم، أو ممن انتقل الملك إليهم من جهتهم ولو بقي فيها قيراط لم تحل حتى يتملكه من هو له، وما قاله السبكي من حل الجارية في حال الجهل هو المعتمد خلافاً للقفال والرداد..الوديعة: (مسألة): أكره الوديع حتى دل على الوديعة أو أقرَّبها أو سلمها، فالمعتمد ضمانه بمعنى أنه طريق في الضمان والقرار على الآخذ. (مسألة): طلب بعض ورثة المودع من الوديع حصته من الوديعة فأنكر وقال: ما عندي لمورثك شيء، ثم أقرّ بها عند الحاكم وادعى التلف صدق بيمينه إذا كانت صيغة الإنكار هكذا، إذ لا تناقض في كلامه. (مسألة): أرسل طفلاً لأخذ الوديعة فسلمها الوديع بإذن المالك برىء من الضمان، فلو ادعى المالك نقص شيء منها وأنكر الوديع فالقول قوله. (مسألة): أودع بقرة عشاراً فنتجت في يد الوديع فقصر في حفظ ولدها فتلف بتقصيره وانقطع لبن أمه لكونها لا تحلب إلا عليه ضمن الولد، وكذا نقص أمه وهو بين قيمتها حلوباً وغير حلوب، كما أفتى به ابن عجيل وغيره. (مسألة): باع مشتركاً بأذن شريكه وقبض الثمن وجعله في الجيب المعروف في ظهر القميص مما يلي جانب اليمين، فضاع منه عند الازدحام، لم يضمن إن ضاق الجيب أو كان مزروراً بالأزرار، ولم ينص له في حفظ الدراهم على شيء وإلا ضمن. (مسألة): أودع آخر ثوباً فجعله في حرز مثله، ثم حصل حريق في البيت الوديع فأخرج ما كان خفيفاً من الأمتعة، فلما طالبه المودع بالثوب ادعى أنه احترق وأنه نسيه بسبب الدهش ولم يذكره إلى الآن لم يعدّ بذلك مقصراً فلا يضمنه، والقول قوله بيمينه في تلفه بالحريق، ولا يشكل على ذلك ما ذكروه من أن الناسي للوديعة يضمنها لأن هذا دهش لا نسي..الفرائض: (مسألة): ليس للأجنبي أن يجهز الميت من تركته إلا بإذن القاضي، فإن لم يكن حاكم تمكن مراجعته قبل التغير جاز لأحد الثقات من المسلمين تجهيزه من ماله أي الميت للضرورة قاله ابن عجيل. (مسألة): مات عن زوجة وعصبة وعليه للزوجة ألف ومائة وخلف عيناً قيمتها ألف ومائتان، فبمجرد موته يسقط عنه من الدين ربعه ويستقر له من الدين ربعه وقيمتها ثلثمائة، فتفوز حينئذ بخمسة وعشرين وهي حصتها من المائة الفاضلة عن الدين، وللعصبة بقية المائة خمسة وسبعون. (مسألة): مات عن ابني عم شقيق وابن أخ لأم، وهو ابن ابن عم لأب، فعصبة الميت لابني العم الشقيق ولا شيء للآخر لنزوله. (مسألة): مات عن بنت ابن وابن ابن أنزل منها كان لها النصف فرضاً وله الباقي. (مسألة): ماتت وخلفت أماً حاملاً لغير الأب وأخاً لأب، فالمسألة من ستة، فتعطى الأم سهماً لأنه المتيقن، والأخ للأب ثلاثة، ويوقف سهمان إلى أن تضع الأم، فإن ولدت واحداً ذكراً أو أنثى حياً فله سهم، ويأخذ الأخ السهم الآخر، أو ولدين فأكثر حيين فلهما السهمان، وإن ولدت ميتاً أخذت الأم من الموقوف سهماً تكملة الثلث، والأخ السهم الباقي. (مسألة): ماتت عن زوج وابن منه، فللزوج الربع والباقي للابن، فإذا مات الزوج عن ابنين وبنتين قسمت تركته على ستة للذكر مثل حظ الأنثيين، فلو ادعى أخ الزوج أنه وصيه فيما خلفته الزوجة وأنه أوصى به لابنها لم يقبل قوله فيهما. (مسألة): مات ولم يخلف وارثاً غير بنت أخت استحقت جميع التركة حيث لم ينتظم بيت المال، كما هو المشاهد والمحكوم به في ذوي الأرحام توريثهم بشرطه وهو المعتمد، فلا يحل لمن يخشى الله تعالى أن يفتي أو يحكم بخلافه. (مسألة): مات وله وارث علم وجوده قبل موته ورث منه وقضى الحاكم من إرثه ديونه الثابتة شرعاً وهذا ظاهر، وإنما الإشكال فيمن لا يعلم حياته قبل موت مورثه، ومات مورثه وهو مفقود، والحكم فيه أنا نوقف نصيبه، فإذا حكم الحاكم بموته قسم ماله بين ورثته، ولا يدخل فيه نصيبه الذي وقف له من قريبه، بل هو لورثة قريبه، قلت: وافقه في التحفة قال: إذ لا إرث بالشك. (مسألة): دخل كفار قرية فقتلوا رجلاً وزوجته وعمته ولم يعلم السابق فلا توارث بينهم، بل يجعل مال كل واحد لباقي ورثته، فإذا خلف المقتول ابنين أحدهما صبي مأسور كان ماله بينهما أنصافاً، وإن فرض أن الطفل المأسور تلفظ بكلمة الكفر فلا أثر لها في الحكم بإسلامه، إذ من شرط الردة التكليف فيوقف نصيبه تحت نظر الحاكم العدل لا حيث وصى، فإذا تحقق موته بعد ذلك، أو مضت مدة يحكم الحاكم بأن مثله لا يعيش فيها وحكم بموته قسم ماله بين ورثته، فإذا كان الحاضر بالغاً رشيداً أعطي حصته من مال مورثه، ويجوز للحاكم أن يؤجر حصة المفقود من أخيه الحاضر بأجرة المثل ويحتاط في تقليل المدة، وإذا خلفت العمة بنتاً وأخاً لأب وابني أخ شقيق فللبنت النصف والباقي لأخيها من أبيها، ولا شيء لابني الأخ الشقيق. (مسألة): مات ذمي عن بنتين فقط ولم يترافعوا إلينا جاز لنا أخذ الباقي عن فرض البنتين ويكون فيئاً، وإن كان اعتقادهم إرث الكل. (مسألة): إذا مضت مدة لا يعيش فيها المفقود ولم تظهر حياته، فلا بد من حكم الحاكم بموته، خلافاً للأذرعي والرداد لأنه في محل الاجتهاد، نعم في الخادم ينبغي تخصيص الخلاف بالظن، وأما المدة التي يقطع فيها بالموت فالأشبه كما في المطلب أنه لا حاجة إلى الحكم لأنه لا يحتاج إليه إلا في محل الاجتهاد..الوصية: (مسألة): قال: ثلث مالي للفقراء، ولم يقل بعد موتي، مقتضى عبارة المنهاج أن ذلك من صرائح الوصية، وأولى بالصراحة قوله في مرض موته: ثلث مالي لزيد، لأن قرينة ذكر الثلث وكون ذلك في المرض تصرفه إلى الوصية، والأولى أولى بالصحة لفرضها للفقراء. (مسألة): أوصى بزبدين طعام لشخص كل سنة صحت الوصية في السنة الأولى فقط، إذ لا يعرف قدر الموصى به في المستقبل ليخرج من الثلث، كما لو أوصى له بدينار كل سنة. (مسألة): أوصى بعتق عبده بعد أن يخدم أولاده خمس سنين صحت الوصية، فإذا خدمهم تلك المدة قوّم بعدها لا فيها لأنه ملكهم، فإن خرج من الثلث أو أجاز الورثة الكاملون عتق جميعه، وإلا عتق منه ما خرج من الثلث. (مسألة): أوصى لأولاد بنته بمثلي نصيب إحدى بناته مدة حياتهم، فإذا هلكوا رجع نصيبهم إلى ورثته، فهذه وصية بالعمرى فيملكها الموصى له وتورث عنه، ولا ترجع بعده لورثة الموصي، ولا أثر لقول الموصي: فإذا هلكوا الخ، فلو كان بعض التركة مرهوناً بدين على الميت، فإن انفك قبل قبول الموصى لهم صحت فيه أيضاً، وإلا فتصح في غيره فقط. (مسألة): أوصى بحلية يعمل له منها حجة ولزوجته حجة، وما زاد عن أجرة الحجتين يقرأ به القرآن، فمات والزوجة وارثة ولم تجز باقي الورثة لها الوصية، أخذ من الحلية المذكورة بقدر أجر المثل لحجتها ويكون تركة، ويقرأ بالباقي بعد إخراج حجته. (مسألة): الوصية بالإقالة كالمحاباة فتعتبر من الثلث إن كانت لغير وارث، وإلا فلا بد من ذلك مع الإجازة. (مسألة): أوصى لابنه بعين ولبنته بعين أخرى مثل وصية الابن، كان ذلك وصية لوارث، فإذا أجاز الابن ما فعله مورّثه وكان رشيداً صحت إجازته في نصيبه، ولا تقبل دعواه أنه لا يعرف حكم الإجازة لأنه جهل بالحكم وهو لا يقبل، إذ كان من حقه أن يتثبت في ذلك، ولا تصح من البنت الإجازة حال حجرها ولا من القيم عليها. (مسألة): وقف نخلاً على بعض ورثته في مرض موته، توقفت صحته على إجازة الباقين بعد موت الواقف، ولو أوصى بتبرعات مستحبات ولم يعين لذلك قدراً معلوماً لم تصح الوصية، لأنه لا يعرف قدر الموصى به فيخرج من الثلث، أو أوصى بواجبات الجهاز قدمت على غيرها، بل وإن لم يوص بها كما لا يخفى. (مسألة): أوصى بأن يحج عنه بأرض معينة، وأوصى بذلك لوارثه حتى من تأكيده عليه قال له: إن تحج لي وإلا فأرضي للمسجد، وجب على الوصي الإحجاج بها، فإن استأجر بغيرها تعذر الإحجاج بها فتصير وصية للمسجد. (مسألة): أوصى لجيرانه قسم على عدد الدور، ولا عبرة بنقص بعض الجهات عن أربعين داراً، إذ الوصية لجميعهم، ولا يقال كل جهة كصنف فيعطى الربع، وإذا أوجبنا الاستيعاب فرد بعض الجيران الوصية فنصيب الرادّ للباقين. (مسألة): أوصى لجيرانه أو أقاربه وفيهم عبد دخل وصرف ما يخصه لسيده كما نقله الناشري عن ابن أبي شريف. (مسألة): أوصى بأن يعمل من غلة أرضه كل سنة أربعة دراهم أجرة لمن يحمل ماء إلى سقاية كذا، وكانت غلة الأرض أضعاف الوصية بكثير صحت الوصية، والمعتمد في كيفية حسابها من الثلث، أن تقوّم الأرض بجميع منافعها بقطع النظر عن إخراج الأربعة الدراهم، ثم تقوّم مسلوبة المنفعة الموصى بها، فما نقص عن القيمة الأولى حسب من الثلث، فلو أراد الوارث إقطاع قطعة من الأرض تقوم غلتها بالأربعة الدراهم والتصرف في الباقي لم يصح، لأن الأجرة تختلف، فقد تنقص فيعود إلى الأربعة الدراهم وأقل فيكون الجميع للموصى له. قلت: وافقه ابن حجر في الإمداد في نظير هذه المسألة اهـ. نعم يجوز للوارث أن يوصي بالفاضل من غلة الأرض بعدما ذكر إلى مسجد أو سقاية أخرى إذا قلنا بالمعتمد، إذ لو نقصت الأجرة لم يكملها مما بعدها. (مسألة): أوصى بنخل لمن يقرأ على قبره كل يوم كذا من القرآن العظيم ولم يجعل وصياً، صحت وصيته وتعيين من يقرأ إلى القاضي، فإذا قرأ القارىء على قبره كل يوم القدر المعين مدة حياته استحق الوصية وإلا فلا كما أفتى به الرداد. (مسألة): أوصى لأهل البلد بغلة زرع موضع كذا يجتمعون عليه ثم يأكلونه ويقرؤون ما تيسر من القرآن ويهدون ثوابه للموصي، فإن كانوا محصورين تعين ذلك لجميعهم، وإلا جاز جعل الغلة لثلاثة منهم، كما لو أوصى للفقراء، وللقاضي أن يعين من شاء حتى عياله إن كانوا من أهل البلد. (مسألة): الدعاء والصدقة ينفعان الميت بلا خلاف، ومعنى نفع الصدقة أن يصير كأنه تصدق، وهذا ظاهر قول الشافعي رضي الله عنه أنه يلحق الميت ما تطوّع به عنه من صدقة ويؤيده قوله: وفي وسع الله تعالى أن يثيب المتصدّق أيضاً، قال ابن عبد السلام: إن ما ذكره الأصحاب من وقوعها عن الميت وأن للمتصدّق ثواب برّه له هو ظاهر السنة ويفارق الدعاء فإنه شفاعة أجرها للشافع ومقصودها للمشفوع له. (مسألة): يستحب للشخص إذا قرأ القرآن أن يعقب ذلك بالدعاء بإيصال الثواب للنبي، كما طلب أن يدعو له بالوسيلة، ويثاب فاعل ذلك، وكالمستأجر، للقراءة والدعاء، وإن كانت صحيفته مملوءة من كل خير، وكل من عمل عملاً من أعمال البر صلاة أو غيرها كان ثواب ذلك واصلاً إليه من حيث إنه المبلغ لذلك عن رب العالمين، واحتج السبكي لذلك بأن عمر رضي الله عنه كان يعتمر عنه صلوات الله وسلامه عليه عمراً كثيرة بعد موته، وحج علي بن الموفق عنه حججاً كثيرة، وعن محمد بن إسحاق أنه ختم عنه أكثر من عشرة آلاف ختمة وضحى عنه كذلك. (مسألة): أدى عن غيره زكاة أو فطرة بغير إذنه لم يجزه بلا خلاف، هذا إن كان المؤدى عنه حياً، أما الميت فيجوز أن يتبرع عنه على الأظهر كالحج عنه.
|